آية ومعناها
وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى ) الْآيَةَ . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : نَزَلَتْ فِي ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ ، وَقَوْلُهُ لِلرَّجُلِ الَّذِي لَمْ يُفْسِحْ لَهُ : ابْنُ فُلَانَةٍ ، يُعَيِّرُهُ بِأُمِّهِ ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم:
مَنِ الذَّاكِرُ فُلَانَةً ؟ فَقَالَ ثَابِتٌ : أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَقَالَ : انْظُرْ فِي وُجُوهِ الْقَوْمِ فَنَظَرَ فَقَالَ : مَا رَأَيْتَ يَا ثَابِتُ ؟ قَالَ : رَأَيْتُ أَبْيَضَ وَأَحْمَرَ وَأَسْوَدَ ، قَالَ : فَإِنَّكَ لَا تَفْضُلُهُمْ إِلَّا فِي الدِّينِ وَالتَّقْوَى ، فَنَزَلَتْ فِي ثَابِتٍ هَذِهِ الْآيَةُ ، وَفِي الَّذِي لَمْ يَتَفَسَّحْ : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا ( الْمُجَادَلَةِ - 11 ) .
وَقَالَ مُقَاتِلٌ : لَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَالًا حَتَّى عَلَا ظَهْرَ الْكَعْبَةِ وَأَذَّنَ ، فَقَالَ عَتَّابُ بْنُ أَسِيدِ بْنِ أَبِي الْعِيصِ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي قَبَضَ أَبِي حَتَّى لَمْ يَرَ هَذَا الْيَوْمَ ، وَقَالَ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ : أَمَا وَجَدَ مُحَمَّدٌ غَيْرَ هَذَا الْغُرَابِ الْأَسْوَدِ مُؤَذِّنًا ، وَقَالَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو : إِنْ يُرِدِ اللَّهُ شَيْئًا يُغَيِّرْهُ . وَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ : إِنِّي لَا أَقُولُ شَيْئًا أَخَافُ أَنْ يُخْبِرَ بِهِ رَبُّ السَّمَاءِ ، فَأَتَى جِبْرِيلُ فَأَخْبَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بِمَا قَالُوا ، فَدَعَاهُمْ وَسَأَلَهُمْ عَمَّا قَالُوا فَأَقَرُّوا فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ وَزَجَرَهُمْ عَنِ التَّفَاخُرِ بِالْأَنْسَابِ وَالتَّكَاثُرِ بِالْأَمْوَالِ وَالْإِزْرَاءِ بِالْفُقَرَاءِ فَقَالَ :
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى ) يَعْنِي آدَمَ وَحَوَّاءَ أَيْ إِنَّكُمْ مُتَسَاوُونَ فِي النَّسَبِ .
( وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا ) جَمْعُ شَعْبٍ بِفَتْحِ الشِّينِ ، وَهِيَ رُءُوسُ الْقَبَائِلِ مِثْلُ رَبِيعَةَ وَمُضَرَ وَالْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ ، سُمُّوا شُعُوبًا لِتَشَعُّبِهِمْ وَاجْتِمَاعِهِمْ ، كَشُعَبِ أَغْصَانِ الشَّجَرِ ، وَالشَّعْبُ مِنَ الْأَضْدَادِ يُقَالُ : شَعَبَ ، أَيْ : جَمَعَ ، وَشَعَبَ أَيْ : فَرَّقَ . ( وَقَبَائِلَ ) وَهِيَ دُونُ الشُّعُوبِ ، وَاحِدَتُهَا قَبِيلَةٌ وَهِيَ كَبَكْرٍ مِنْ رَبِيعَةَ وَتَمِيمٍ مِنْ مُضَرَ ، وَدُونَ الْقَبَائِلِ الْعَمَائِرُ ، وَاحِدَتُهَا عَمَارَةٌ ، بِفَتْحِ الْعَيْنِ ، وَهُمْ كَشَيْبَانَ مِنْ بِكْرٍ ، وَدَارِمٍ مِنْ تَمِيمٍ ، وَدُونَ الْعَمَائِرِ الْبُطُونُ ، وَاحِدَتُهَا بَطْنٌ ، وَهُمْ كَبَنِي غَالِبٍ وَلُؤَيٍّ مِنْ قُرَيْشٍ وَدُونَ الْبُطُونِ الْأَفْخَاذُ وَاحِدَتُهَا فَخِذٌ ، وَهُمْ كَبَنِي هَاشِمٍ وَأُمَيَّةَ مِنْ بَنِي لُؤَيٍّ ، ثُمَّ الْفَصَائِلُ وَالْعَشَائِرُ وَاحِدَتُهَا فَصِيلَةٌ وَعَشِيرَةٌ ، وَلَيْسَ بَعْدَ الْعَشِيرَةِ حَيٌّ يُوصَفُ بِهِ .
وَقِيلَ : الشُّعُوبُ مِنَ الْعَجَمِ ، وَالْقَبَائِلُ مِنَ الْعَرَبِ ، وَالْأَسْبَاطُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ .
وَقَالَ أَبُو رَوْقٍ : " الشُّعُوبُ " الَّذِينَ لَا يَعْتَزُّونَ إِلَى أَحَدٍ ، بَلْ يَنْتَسِبُونَ إِلَى الْمَدَائِنِ وَالْقُرَى ، " وَالْقَبَائِلُ " : الْعَرَبُ الَّذِينَ يَنْتَسِبُونَ إِلَى آبَائِهِمْ .
( لِتَعَارَفُوا ) لِيَعْرِفَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فِي قُرْبِ النَّسَبِ وَبُعْدِهِ ، لَا لِيَتَفَاخَرُوا . ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّ أَرْفَعَهُمْ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاهُمْ فَقَالَ :
( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) قَالَ قَتَادَةُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ : إِنَّ أَكْرَمَ الْكَرَمِ التَّقْوَى ، وَأَلْأَمُ اللُّؤْمِ الْفُجُورُ .
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الْهَيْثَمِ التُّرَابِيُّ ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
الْحَسَبُ الْمَالُ ، وَالْكَرْمُ التَّقْوَى.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : كَرَمُ الدُّنْيَا الْغِنَى ، وَكَرَمُ الْآخِرَةِ التَّقْوَى .
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الْهَيْثَمِ ،عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَافَ يَوْمَ الْفَتْحِ عَلَى رَاحِلَتِهِ يَسْتَلِمُ الْأَرْكَانَ بِمِحْجَنِهِ ، فَلَمَّا خَرَجَ لَمْ يَجِدْ مَنَاخًا ، فَنَزَلَ عَلَى أَيْدِي الرِّجَالِ ، ثُمَّ قَامَ فَخَطَبَهُمْ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، وَقَالَ :
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَتَكَبُّرَهَا [ بِآبَائِهَا ] ، النَّاسُ رَجُلَانِ بَرٌّ تَقِيُّ كَرِيمٌ عَلَى اللَّهِ ، وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ هَيِّنٌ عَلَى اللَّهِ ثُمَّ تَلَا " يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى " ، ثُمَّ قَالَ : أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ النَّاسِ أَكْرَمُ ؟ قَالَ :
أَكْرَمُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاهُمْ ، قَالُوا : لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ ، قَالَ : فَأَكْرَمُ النَّاسِ يُوسُفُ نَبِيُّ اللَّهِ ابْنُ نَبِيِّ اللَّهِ ابْنِ نَبِيِّ اللَّهِ ابْنِ خَلِيلِ اللَّهِ . قَالُوا : لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ ، قَالَ : فَعَنْ مَعَادِنِ الْعَرَبِ تَسْأَلُونِي ؟ قَالُوا : نَعَمْ ، قَالَ :
فَخِيَارُكُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُكُمْ فِي الْإِسْلَامِ إِذَا فَقِهُوا.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْقَاهِرِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق