الأحاديث القدسية
مقدمة حول الأحاديث القدسية
إسلام ويب
الحديث القدسي هو الحديث الذي يسنده النبي صل الله عليه
وسلم إلى الله عز وجل ، والقدسي نسبة
للقدس ، وهي تحمل معنى التكريم والتعظيم والتنزيه ، ولعل من مناسبة وصف هذا النوع
من الأحاديث بهذا الوصف ، أن الأحاديث القدسية تدور معانيها في الغالب على تقديس
الله وتمجيده وتنزيهه عما لا يليق به من النقائص ، وقليلاً ما تتعرض للأحكام
التكليفية .
ويرد الحديث القدسي بصيغ عديدة كأن
يقول الراوي مثلاً : قال رسول الله صل الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه ، كحديث أبي هريرة رضي الله
عنه عن رسول الله صل الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل :
يد الله ملأى لا يغيضها نفقة سحاء الليل والنهار... رواه البخاري .
أو أن يقول الراوي : قال رسول الله صل الله عليه وسلم :
قال الله تعالى
، أو يقول الله تعالى ، كحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صل الله
عليه وسلم : يقول الله تعالى :
أنا عند ظن عبدي بي ، وأنا معه إذا ذكرني ، فإن ذكرني في
نفسه ذكرته في نفسي ، وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منه... رواه البخاري ومسلم .
ومما تجدر الإشارة إليه أن وصف
الحديث بكونه قدسياً لا يعني بالضرورة ثبوته ، فقد يكون الحديث صحيحاً وقد يكون
ضعيفاً أو موضوعاً ، إذ إن موضوع الصحة والضعف المدار فيه على السند وقواعد القبول
والرد التي يذكرها المحدثون في هذا الباب ، أمَّا هذا الوصف فيتعلق بنسبة الكلام
إلى الله تبارك وتعالى .
هل الحديث
القدسي كلام الله بلفظه أو بمعناه :
اختلف أهل العلم في الحديث القدسي
هل هو من كلام الله تعالى بلفظه ومعناه ، أم أن معانيه من عند الله وألفاظه من
الرسول صل الله عليه وسلم فذهب بعضهم إلى القول الأول وهو أن ألفاظه ومعانيه من
الله تعالى ، أوحى بها إلى رسوله عليه الصلاة والسلام بطريقة من طرق الوحي غير
الجلي أي من غير طريق جبريل عليه السلام ، إما بإلهام أو قذف في الروع أو حال
المنام ، إلا أنه لم يُرِد به التحدي والإعجاز ، وليست له خصائص القرآن ، وذهب
البعض إلى القول الثاني وهو أن الحديث القدسي كلام الله بمعناه فقط ، وأما اللفظ
فللرسول صل الله عليه وسلم ، وهذا القول هو الصحيح الراجح .
الفرق بين
القرآن والحديث القدسي :
هناك عدة فروق بين القرآن الكريم والحديث القدسي ، ومن
أهم هذه الفروق :
1- أن القرآن الكريم كلام الله أوحى به إلى رسول الله صل
الله عليه وسلم بلفظه ومعناه وتحدى به العرب بل الإنس والجن أن يأتوا بمثله ، وأما
الحديث القدسي فلم يقع به التحدي والإعجاز .
2- القرآن
الكريم جميعه منقول بالتواتر ، فهو قطعي الثبوت ، وأما الأحاديث القدسية فمعظمها
أخبار آحاد ، فهي ظنية الثبوت ، ولذلك فإن فيها الصحيح والحسن والضعيف .
3- القرآن
الكريم كلام الله بلفظه ومعناه ، والحديث القدسي معناه من عند الله ولفظه من
الرسول صل الله عليه وسلم ، على الصحيح من أقوال أهل العلم .
4- القرآن
الكريم متعبد بتلاوته ، وهو الذي تتعين القراءة به في الصلاة ، ومن قرأه كان له
بكل حرف حسنة ، والحسنة بعشر أمثالها ، وأما الحديث القدسي فغير متعبد بتلاوته ،
ولا يجزئ في الصلاة ، ولا يصدق عليه الثواب الوارد في قراءة القرآن .
عدد الأحاديث
القدسية والمصنفات فيها :
ذكر العلامة ابن حجر الهيتمي أن مجموع الأحاديث القدسية المروية يتجاوز
المائة ، وذكر أنه قد جمعها بعضهم في جزء كبير ، والصحيح أن عددها بغض النظر عن
صحتها أكثر من ذلك فهو يجاوز الثمانمائة ، بل قد يقارب الألف ، وقد أفرد العلماء
هذا النوع من الأحاديث بالتصنيف ومنهم الشيخ المناوي رحمه الله في كتابه المسمى ( الإتحافات
السنية في الأحاديث القدسية ) ، وللعلامة المدني أيضاً كتاب ( الإتحافات السنية في
الأحاديث القدسية ) ، وكتاب ( الأحاديث القدسية ) لابن بلبان ، وهناك كتب معاصرة
أفردت في هذا النوع من الأحاديث ، ومنها كتاب ( الجامع في الأحاديث القدسية ) لعبد
السلام بن محمد علوش ، وكتاب ( الصحيح المسند من الأحاديث القدسية ) لمصطفى العدوي
، وسنعرض إن شاء الله لبعض هذه الأحاديث بشيء من التفصيل والشرح والبيان ، والله
الموفق وعليه التكلان .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق