الجمعة، 28 سبتمبر 2012

يصلي ويصوم ويقوم الليل ولكنه يسئ لزوجته وجيرانه








        الآداب والأخلاق والرقائق » الأخلاق المذمومة

 تسري في مجتمعاتنا رغم تديننا بعض من الأخلاق المذمومة وينكرها الدين والناس العاقلة ولكن للأسف نجد إنها تنتشر بيننا بطرق بشعة .
وقد وفقني الله أن اجمعها هنا وبعد الانتهاء منها إن شاء الله سأضع الأخلاق المحمودة .
وأتمني من كل من يطلع عليها أن يعيد نشرها بصفحته لكي يستفيد الجميع .
والله ولي التوفيق وبه نستعين .

  
يصلي ويصوم ويقوم الليل ولكنه يسئ لزوجته وجيرانه

  
ماذا تقولون في شخص يصلي في المسجد ، ويقيم الليل ، ويصوم أيام الاثنين والخميس ، والثالث عشر ، والرابع عشر ، والخامس عشر من كل شهر ، ولكنه مع ذلك عديم الأخلاق مع زوجته التي يتشاجر معها كل يوم ، ومع جيرانه ومعارف زوجته ، وأناس آخرين ؟

الحمد لله
مكارم الأخلاق من أعظم الغايات التي بُعث النبي صل الله عليه وسلم لتحقيقها في الناس ، فقد أرسله الله سبحانه وتعالى ليقيم في الناس الدين الحق والحياة العادلة المقسطة ، بعد أن نظر الله تعالى إلى أهل الأرض فمقتهم ومقت ما هم عليه من شرك وجهل وسوء خلق ، إلا بقايا من أهل الكتاب .
وقد عبر النبي صل الله عليه وسلم عن هذا المقصد العظيم من مقاصد بعثته بأداة الحصر:

إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخْلاَقِ

  إنما " ، ليلقي في قلب السامع أن جميع العقائد والأحكام التي جاء به الشرع الحنيف إنما تصب في هذا الهدف ، وهو إقامة الأخلاق الحسنة ، وإقامة العدل والإحسان .
يقول صل الله عليه وسلم :  إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخْلاَقِ رواه أحمد في "المسند" (2/318) وحسنه الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" (رقم/45)

ولا شك أن من أعظم المشكلات التي يعاني منها بعض المسلمين اليوم :
 الفصام بين جانبي العبادات والأخلاق ، حيث أصبحت الممارسة العملية للعبادات – لدى بعض الناس - أشبه بالعادات أو " الطقوس " التي تؤدَّى بأشكالها دون العناية بآثارها في النفوس والقلوب ، مع أن أركان الإسلام الأربعة – التي هي أهم العبادات – كان من غاياتها تهذيب النفوس وتحسين الأخلاق .

فالصلاة مثلا : يقول الله عز وجل فيها :
 اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ   العنكبوت/45

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال :  قَالَ رَجُلٌ :
 يَا رَسُولَ اللَّهِ ! إِنَّ فُلَانَةَ - يُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلَاتِهَا وَصِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا - غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا ؟ قَالَ : هِيَ فِي النَّارِ .
قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! فَإِنَّ فُلَانَةَ - يُذْكَرُ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا وَصَلَاتِهَا - وَإِنَّهَا تَصَدَّقُ بِالْأَثْوَارِ مِنْ الْأَقِطِ وَلَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا ؟ قَالَ : هِيَ فِي الْجَنَّةِ   رواه أحمد في "المسند" (2/440) وصححه المنذري في "الترغيب والترهيب" (3/321) ، والشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" (رقم/190)

وكذلك الشأن في فرض الصيام ، فقد بين النبي صل الله عليه وسلم أن الخلق الحسن هو ثمرة الصيام المقبول ، فمن لم يجد هذه الثمرة ، لم ينفعه صيامه عند الله .
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صل الله عليه وسلم قال :
 مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِى أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ  رواه البخاري (1903)

والزكاة أيضا إنما شرعت تزكية للنفس ، وتطهيرا لها من أدران الآثام والأوزار وغوائل القلب .
يقول الله عز وجل :

خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا   التوبة/103

وكذلك الركن الخامس من أركان الإسلام، الحج ، يقول الله عز وجل عنه :
 الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ  البقرة/197.

ولو رحنا نسوق منزلة الأخلاق الكريمة في تشريعات الإسلام من الكتاب والسنة لطال بنا المقام جدا، حتى عقد ابن القيم رحمه الله في "مدارج السالكين" (2/307) فصلا بعنوان : "

الدين كله خلق ، فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الدين " .

لكن يكفي أن نتأمل كيف أن مكارم الأخلاق من المقاصد الأساسية لتشريع أركان الإسلام ، ففي ذلك دلالة على عظيم منزلة هذا المقصد ، وضرورة المحافظة عليه ، وجعله نصب عيني كل مسلم موحد لله عز وجل .

فالواجب عليكم أن تذكروا ذلك الشخص الذي يؤذي زوجته وجيرانه بتقوى الله تعالى ، وأن الله عز وجل لا يرضى أفعاله تلك ، بل يسخط لأذى الجار والزوجة والأقارب ، فأين هي آثار القيام والصيام على قلبه وخلقه وجوارحه ؟!

واستعملوا معه الرفق في النصح ، فحرصه على العبادة بذرة خير إن شاء الله ، وقد روى الإمام أحمد في "المسند" (2/447) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال :

 جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : إِنَّ فُلَانًا يُصَلِّي بِاللَّيْلِ ، فَإِذَا أَصْبَحَ سَرَقَ ؟ قَالَ : إِنَّهُ سَيَنْهَاهُ مَا يَقُولُ    

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (2/261): رجاله ثقات . وقال شعيب الأرنؤوط وعادل مرشد في "تحقيق المسند" (15/483) : إسناده صحيح ، رجاله ثقات رجال الشيخين .

والله أعلم . الإسلام سؤال وجواب




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق