الجمعة، 28 سبتمبر 2012

وصيتنا للطالب الأمين الذي لا يغش بالثبات على الاستقامة




الآداب والأخلاق والرقائق » الأخلاق المذمومة


تسري في مجتمعاتنا رغم تديننا بعض من الأخلاق المذمومة وينكرها الدين والناس العاقلة ولكن للأسف نجد إنها تنتشر بيننا بطرق بشعة .
وقد وفقني الله أن اجمعها هنا وبعد الانتهاء منها إن شاء الله سأضع الأخلاق المحمودة .
وأتمني من كل من يطلع عليها أن يعيد نشرها بصفحته لكي يستفيد الجميع .
والله ولي التوفيق وبه نستعين .



وصيتنا للطالب الأمين الذي لا يغش بالثبات على الاستقامة



السؤال:أنا طالبة في مرحلة الثانوية العامة ، وبالنسبة للجميع هذه أهم سنة في الدراسة ؛ لأنها - كما يقال - تحدد مصيرنا , وأنا - والحمد لله - من الصغر رباني أهلي - حفظهم الله - على عدم الغش ، والاعتماد على النفس ، والحمد لله كنت دائما الأولى على صفي وعلى مدرستي إلى أن بدأت المرحلة الثانوية بدأ مستواي في النزول ، مع أني أذاكر أكثر من قبل , أذاكر ما يقارب سبع ساعات ولكن من دون نتيجة ، فكل امتحان اخرج منه بثلاث أو أربع علامات نازلة فيها وزميلاتي في الصف مستواهم أقل مني بكثير ولكن للأسف فهم يغشون في كل امتحان ، ويحصلون على العلامات الكاملة ، وأنا أشعر بالضيق لأنهم لا يذاكرون ويحصلون على ما يريدون ، فكيف لي أن لا أغتاظ ، ودائما ما يقولون لي : لماذا لا تغشين , ماذا يجب أن أفعل ، وكيف لي أن أبث الثقة في نفسي كي أحصل على النسبة التي أريدها .. وهل من نصيحة لمن يغشون في الامتحانات ؟

الجواب :الحمد لله

لا بد أولا أن تدركي : أن التمسك بالاستقامة والمحافظة على الالتزام خير ما يعيش به المرء ويموت عليه ، فهو العهد الذي أخذه الله عز وجل علينا نحن المسلمين ، وهو النور الذي يؤانسنا في وحشة القبور ، وفي ظلمات المحشر يوم القيامة .

ولعل أمرا واحدا من أمور استقامتك على طاعة الله ومرضاته ، أن يكون سبب دخول الجنة ، وليس ذلك على الله بعزيز ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :  بَيْنَمَا كَلْبٌ يُطِيفُ بِرَكِيَّةٍ كَادَ يَقْتُلُهُ العَطَشُ ، إِذْ رَأَتْهُ بَغِيٌّ مِنْ بَغَايَا بَنِي إِسْرَائِيلَ ، فَنَزَعَتْ مُوقَهَا فَسَقَتْهُ ، فَغُفِرَ لَهَا بِهِ  . رواه البخاري (3467) ومسلم (2245)

أفليس من الممكن أيضا أن يكون اجتناب الغش - في بيئة تعتاد هذه المعصية وتراها أيسر ما يكون – سببا لدخول الجنة ؟!
أوليست الجنة أقصى ما يتمناه المسلم في حياته وفي مماته ؟!

نقول هذا كي نبث الثقة في قلب كل مسلم تعترضه الفتن ، وتجتاحه الأطماع من حوله ، ولكنه يستمسك بالعروة الوثقى ، ويبقى صابرا محتسبا أمره عند الله عز وجل ، حتى يكون من القليل الذين وصفهم الله عز وجل بقوله :

 وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ . أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ . فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ . ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ . وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ   الواقعة/10-14.

ثم تخيلي أنك انزلقت فيما يدعوك إليه زميلاتك من الفتيات ، وأنك وقعت في معصية الغش واستمرأها قلبُك ، فما الذي يبقى لك إن حاسبك الله عليها حساب الكبائر والموبقات ، ألست تعلمين أن كثيرا من العلماء ذكر الغش في كبائر الذنوب ، كما فعل العلامة ابن حجر الهيتمي في " الزواجر عن اقتراف الكبائر " (1/393)، وأي وجه يلقى فيه العبد ربه يوم القيامة إذا لقيه محملا بالكبائر ، ومثقلا بالموبقات ، وقد خسر مغفرة الصغائر أيضا ، وخسر أن يكون مع المحسنين ، يقول عز وجل :

 وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى . الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ   النجم/31-32.

واعلمي أن الأمانة أول ما ينزع من هذه الأمة ، وأنها من أحب الأخلاق التي يتقرب العبد بها لربه عز وجل ، أفلا ترضين أن يكتبك الله من الأمناء ، وأن تكوني من أولئك القلائل الذين بقيت الأمانة في قلوبهم ، فقد قال عليه الصلاة والسلام :

 فَيُصْبِحُ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ فَلاَ يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّي الأَمَانَةَ ، فَيُقَالُ : إِنَّ فِي بَنِي فُلاَنٍ رَجُلًا أَمِينًا ، وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ : مَا أَعْقَلَهُ ! وَمَا أَظْرَفَهُ ! وَمَا أَجْلَدَهُ ! وَمَا فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ   رواه البخاري (6497) ومسلم (143)

يقول ابن الجوزي رحمه الله :
" فما زالت تلك النفس الطاهرة ... مشغولة بتوطئة رحلها لرحيلها ، فإن صعد حافظاها فالصحيفة نقية ، وإن جاء البلاء فالنفس صابرة تقية ، وإن أقبل الموت وجدها من الغش خلية ، فيا طوبى لها إذا نوديت يوم القيامة :

 يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ . ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً . فَادْخُلِي فِي عِبَادِي . وَادْخُلِي جَنَّتِي  الفجر/37-30 " انتهى من " المواعظ " (ص/97)

لذلك نوصيك باستشعار عظم المنزلة التي أنت عليها ، واستشعار معية النبي صل الله عليه وسلم في الدين والعقيدة ، فقد قال عليه الصلاة والسلام :  من غشّنا فليس منّا  رواه مسلم (101)،

ومفهوم الحديث أن من لم يغش فهو من النبي صل الله عليه وسلم،
 أي من أتباعه وأحبابه الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون .

كما نوصيك بالثقة بتوفيق الله سبحانه وتعالى ، فهو عز وجل قد أقام السماء والأرض على الحق والعدل ، ولن يستوي عنده المُتَلوِّن المراوغ - الذي يبيع أمانته في أول محنة وأقرب امتحان – مع الثابت على المبادئ ، الصابر على الاستقامة ، الذي لا يرضى أن ينال من الدنيا ما ليس له فيه حق شرعي ، وإنما يرضى بما يقسم الله عز وجل له من حظ ونصيب ، ويسعد بالمستقبل الأكاديمي الذي يتحصل عليه بالطريق المباح ، ولا يغتر بقلة السالكين ولا بكثرة الهالكين ، فالدنيا مليئة بتفاوت الأرزاق والآجال بحق وبغير حق ، فيها الغني الفاجر الذي حقق ثروته في أيام معدودات بالكسب الحرام ، وفيها الفقير الصابر الذي ينصَب ويتعب ولا يكاد يجد قوته وقت عياله ، ولكنه لم يغتر بفساد الفاسدين ، بل رجع إلى نفسه وقنعها بالحكمة والموعظة الحسنة ، واستسلم لقضاء الله ، فهو عز وجل له الحكمة البالغة في شؤون هذا الكون .

نسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد، والثبات التام على الاستقامة.

والله أعلم . الإسلام سؤال وجواب  الشيخ محمد صالح المنجد




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق