الآداب والأخلاق
والرقائق » الأخلاق المذمومة
تسري في مجتمعاتنا رغم
تديننا بعض من الأخلاق المذمومة وينكرها الدين والناس العاقلة ولكن للأسف نجد إنها
تنتشر بيننا بطرق بشعة .
وقد وفقني الله أن اجمعها
هنا وبعد الانتهاء منها إن شاء الله سأضع الأخلاق المحمودة .
وأتمني من كل من يطلع
عليها أن يعيد نشرها بصفحته لكي يستفيد الجميع .
والله ولي التوفيق وبه
نستعين .
وصيتنا للطالب الأمين الذي لا يغش بالثبات على الاستقامة
السؤال:أنا طالبة في مرحلة الثانوية العامة ، وبالنسبة
للجميع هذه أهم سنة في الدراسة ؛ لأنها - كما يقال - تحدد مصيرنا , وأنا - والحمد
لله - من الصغر رباني أهلي - حفظهم الله - على عدم الغش ، والاعتماد على النفس ،
والحمد لله كنت دائما الأولى على صفي وعلى مدرستي إلى أن بدأت المرحلة الثانوية
بدأ مستواي في النزول ، مع أني أذاكر أكثر من قبل , أذاكر ما يقارب سبع ساعات ولكن
من دون نتيجة ، فكل امتحان اخرج منه بثلاث أو أربع علامات نازلة فيها وزميلاتي في الصف
مستواهم أقل مني بكثير ولكن للأسف فهم يغشون في كل امتحان ، ويحصلون على العلامات
الكاملة ، وأنا أشعر بالضيق لأنهم لا يذاكرون ويحصلون على ما يريدون ، فكيف لي أن
لا أغتاظ ، ودائما ما يقولون لي : لماذا لا تغشين , ماذا يجب أن أفعل ، وكيف لي أن
أبث الثقة في نفسي كي أحصل على النسبة التي أريدها .. وهل من نصيحة لمن يغشون في
الامتحانات ؟
الجواب :الحمد لله
لا بد أولا أن تدركي : أن
التمسك بالاستقامة والمحافظة على الالتزام خير ما يعيش به المرء ويموت عليه ، فهو
العهد الذي أخذه الله عز وجل علينا نحن المسلمين ، وهو النور الذي يؤانسنا في وحشة
القبور ، وفي ظلمات المحشر يوم القيامة .
ولعل أمرا واحدا من أمور استقامتك على طاعة الله ومرضاته ، أن يكون سبب
دخول الجنة ، وليس ذلك على الله بعزيز ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : بَيْنَمَا كَلْبٌ يُطِيفُ بِرَكِيَّةٍ كَادَ يَقْتُلُهُ
العَطَشُ ، إِذْ رَأَتْهُ بَغِيٌّ مِنْ بَغَايَا بَنِي إِسْرَائِيلَ ، فَنَزَعَتْ
مُوقَهَا فَسَقَتْهُ ، فَغُفِرَ لَهَا بِهِ . رواه البخاري (3467) ومسلم (2245)
أفليس من الممكن أيضا أن يكون
اجتناب الغش - في بيئة تعتاد هذه المعصية وتراها أيسر ما يكون – سببا لدخول الجنة
؟!
أوليست الجنة أقصى ما يتمناه المسلم في حياته وفي مماته
؟!
نقول هذا كي نبث الثقة في قلب كل مسلم تعترضه الفتن ، وتجتاحه الأطماع من
حوله ، ولكنه يستمسك بالعروة الوثقى ، ويبقى صابرا محتسبا أمره عند الله عز وجل ،
حتى يكون من القليل الذين وصفهم الله عز وجل بقوله :
وَالسَّابِقُونَ
السَّابِقُونَ . أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ . فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ . ثُلَّةٌ
مِنَ الْأَوَّلِينَ . وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ الواقعة/10-14.
ثم تخيلي أنك انزلقت فيما يدعوك إليه زميلاتك من الفتيات ، وأنك وقعت في معصية الغش واستمرأها قلبُك ، فما الذي يبقى لك إن حاسبك الله عليها حساب الكبائر والموبقات ، ألست تعلمين أن كثيرا من العلماء ذكر الغش في كبائر
الذنوب ، كما فعل العلامة ابن حجر الهيتمي في " الزواجر عن اقتراف الكبائر "
(1/393)، وأي وجه يلقى فيه العبد ربه يوم القيامة إذا لقيه محملا بالكبائر ،
ومثقلا بالموبقات ، وقد خسر مغفرة الصغائر أيضا ، وخسر أن يكون مع المحسنين ، يقول
عز وجل :
وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ
لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا
بِالْحُسْنَى . الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ
إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ النجم/31-32.
واعلمي أن الأمانة أول ما ينزع من هذه الأمة ، وأنها من أحب الأخلاق التي يتقرب العبد بها لربه عز
وجل ، أفلا ترضين أن يكتبك الله من الأمناء ، وأن تكوني من أولئك القلائل الذين
بقيت الأمانة في قلوبهم ، فقد قال عليه الصلاة والسلام :
فَيُصْبِحُ
النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ فَلاَ يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّي الأَمَانَةَ ، فَيُقَالُ :
إِنَّ فِي بَنِي فُلاَنٍ رَجُلًا أَمِينًا ، وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ : مَا
أَعْقَلَهُ ! وَمَا أَظْرَفَهُ ! وَمَا أَجْلَدَهُ ! وَمَا فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ
حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ رواه البخاري (6497) ومسلم (143)
يقول ابن الجوزي رحمه الله :
" فما زالت تلك النفس الطاهرة ... مشغولة بتوطئة رحلها لرحيلها ، فإن
صعد حافظاها فالصحيفة نقية ، وإن جاء البلاء فالنفس صابرة تقية ، وإن أقبل الموت
وجدها من الغش خلية ، فيا طوبى لها إذا نوديت يوم القيامة :
يَا أَيَّتُهَا
النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ . ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً . فَادْخُلِي
فِي عِبَادِي . وَادْخُلِي جَنَّتِي الفجر/37-30 " انتهى من "
المواعظ " (ص/97)
لذلك نوصيك باستشعار عظم المنزلة التي أنت عليها ، واستشعار معية النبي صل
الله عليه وسلم في الدين والعقيدة ، فقد قال عليه الصلاة والسلام : من غشّنا فليس منّا رواه مسلم (101)،
ومفهوم الحديث أن من لم يغش فهو من
النبي صل الله عليه وسلم،
أي من أتباعه وأحبابه الذين لا خوف عليهم ولا هم
يحزنون .
كما نوصيك بالثقة بتوفيق الله سبحانه وتعالى ، فهو عز وجل قد أقام السماء والأرض على الحق والعدل ،
ولن يستوي عنده المُتَلوِّن المراوغ - الذي يبيع أمانته في أول محنة وأقرب امتحان –
مع الثابت على المبادئ ، الصابر
على الاستقامة ، الذي لا يرضى أن ينال من
الدنيا ما ليس له فيه حق شرعي ، وإنما
يرضى بما يقسم الله عز وجل له من حظ ونصيب ، ويسعد بالمستقبل الأكاديمي الذي يتحصل
عليه بالطريق المباح ، ولا يغتر بقلة السالكين ولا بكثرة الهالكين ، فالدنيا مليئة
بتفاوت الأرزاق والآجال بحق وبغير حق ، فيها الغني الفاجر الذي حقق ثروته في أيام
معدودات بالكسب الحرام ، وفيها الفقير الصابر الذي ينصَب ويتعب ولا يكاد يجد قوته
وقت عياله ، ولكنه لم يغتر بفساد الفاسدين ، بل رجع إلى نفسه وقنعها بالحكمة
والموعظة الحسنة ، واستسلم لقضاء الله ، فهو عز وجل له الحكمة البالغة في شؤون هذا
الكون .
نسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق
والسداد، والثبات التام على الاستقامة.
والله أعلم . الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق