أَكْثَرُ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ التَّقْوَى وَحُسْنُ الْخُلُقِ
7989 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ الزَّاهِدُ عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : سُئِلَ النَّبِيُّ صَلّ اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ ، قَالَ :
التَّقْوَى وَحُسْنُ الْخُلُقِ
وَسُئِلَ عَنْ أَكْثَرَ مَا
يُدْخِلُ النَّاسَ النَّارَ ، فَقَالَ : الْأَجْوَفَانِ : الْفَمُ وَالْفَرْجُ .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ
الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ .
قَالَ يَحْيَى بْنُ مُعَاذٍ : الْقُلُوبُ كَالْقُدُورِ
تَغْلِي بِمَا فِيهَا ، وَأَلْسِنَتُهَا مَغَارِفُهَا ، فَانْظُرْ إِلَى الرَّجُلِ
حِينَ يَتَكَلَّمُ فَإِنَّ لِسَانَهُ يَغْتَرِفُ لَكَ بِمَا فِي قَلْبِهِ ، حُلْوٌ
وَحَامِضٌ ، وَعَذْبٌ وَأُجَاجٌ ، وَغَيْرُ ذَلِكَ ، وَيُبَيِّنُ لَكَ طَعْمَ
قَلْبِهِ اغْتِرَافُ لِسَانِهِ ، أَيْ كَمَا تَطْعَمُ بِلِسَانِكَ طَعْمَ مَا فِي
الْقُدُورِ مِنَ الطَّعَامِ فَتُدْرِكُ الْعِلْمَ بِحَقِيقَتِهِ ، كَذَلِكَ
تَطْعَمُ مَا فِي قَلْبِ الرَّجُلِ مِنْ لِسَانِهِ ، فَتَذُوقُ مَا فِي قَلْبِهِ
مِنْ لِسَانِهِ ، كَمَا تَذُوقُ مَا فِي الْقِدْرِ بِلِسَانِكَ . وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ الْمَرْفُوعِ : لَا يَسْتَقِيمُ إِيمَانُ عَبْدٍ حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ ، وَلَا يَسْتَقِيمُ قَلْبُهُ حَتَّى يَسْتَقِيمَ لِسَانُهُ .
وَسُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ النَّارَ ؟ فَقَالَ : الْفَمُ وَالْفَرْجُ قَالَ التِّرْمِذِيُّ : حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ .
وَقَدْ سَأَلَ مُعَاذٌ النَّبِيَّ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْعَمَلِ الَّذِي يُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ وَيُبَاعِدُهُ مِنَ النَّارِ ، فَأَخْبَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَأْسِهِ وَعَمُودِهِ وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ ، ثُمَّ قَالَ :
أَلَا أُخْبِرُكَ بِمِلَاكِ ذَلِكَ
كُلِّهِ ؟ قَالَ : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَأَخَذَ بِلِسَانِ نَفْسِهِ ثُمَّ
قَالَ : كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا ، فَقَالَ : وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا
نَتَكَلَّمُ بِهِ ؟ فَقَالَ : ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ ، وَهَلْ يَكُبُّ
النَّاسَ عَلَى وُجُوهِهِمْ - أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ - إِلَّا حَصَائِدُ
أَلْسِنَتِهِمْ ؟
قَالَ التِّرْمِذِيُّ : حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ .
وَمِنَ الْعَجَبِ أَنَّ الْإِنْسَانَ يَهُونُ عَلَيْهِ
التَّحَفُّظُ وَالِاحْتِرَازُ مِنْ أَكْلِ الْحَرَامِ وَالظُّلْمِ وَالزِّنَى
وَالسَّرِقَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ ، وَمِنَ النَّظَرِ الْمُحَرَّمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ
، وَيَصْعُبُ عَلَيْهِ التَّحَفُّظُ مِنْ حَرَكَةِ لِسَانِهِ ، حَتَّى تَرَى
الرَّجُلَ يُشَارُ إِلَيْهِ بِالدِّينِ وَالزُّهْدِ وَالْعِبَادَةِ ، وَهُوَ
يَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَاتِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا ،
يَنْزِلُ بِالْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ مِنْهَا أَبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ الْمَشْرِقِ
وَالْمَغْرِبِ ، وَكَمْ تَرَى مِنْ رَجُلٍ مُتَوَرِّعٍ عَنِ الْفَوَاحِشِ
وَالظُّلْمِ ، وَلِسَانُهُ يَفْرِي فِي أَعْرَاضِ الْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ ،
وَلَا يُبَالِي مَا يَقُولُ .
وَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْرِفَ ذَلِكَ فَانْظُرْ فِيمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ
فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
قَالَ رَجُلٌ : وَاللَّهِ لَا
يَغْفِرُ اللَّهُ لِفُلَانٍ ، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : مَنْ ذَا الَّذِي
يَتَأَلَّى عَلَيَّ أَنِّي لَا أَغْفِرُ لِفُلَانٍ ؟ قَدْ غَفَرْتُ لَهُ
وَأَحْبَطْتُ عَمَلَكَ فَهَذَا الْعَابِدُ الَّذِي قَدْ عَبَدَ اللَّهَ مَا شَاءَ
أَنْ يَعْبُدَهُ ، أَحْبَطَتْ هَذِهِ الْكَلِمَةُ الْوَاحِدَةُ عَمَلَهُ كُلَّهُ .
وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوُ ذَلِكَ ، ثُمَّ قَالَ أَبُو
هُرَيْرَةَ : تَكَلَّمَ
بِكَلِمَةٍ أَوْبَقَتْ دُنْيَاهُ وَآخِرَتَهُ . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا ؛ يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا ؛ يَهْوِي بِهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ ،
وَعِنْدَ مُسْلِمٍ :
إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ
بِالْكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ مَا فِيهَا يَزِلُّ بِهَا فِي النَّار
أَبْعَدَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ .
وَعِنْدَ التِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ
الْمُزَنِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَتَكَلَّمُ
بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ ،
فَيَكْتُبُ اللَّهُ لَهُ بِهَا رِضْوَانَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ ، وَإِنَّ
أَحَدَكُمْ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ مَا يَظُنُّ أَنْ
تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ ، فَيَكْتُبُ اللَّهُ لَهُ بِهَا سَخَطَهُ إِلَى يَوْمِ
يَلْقَاهُ .
وَكَانَ عَلْقَمَةُ يَقُولُ : كَمْ
مِنْ كَلَامٍ قَدْ مَنَعَنِيهِ حَدِيثُ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ . وَفِي جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ : تُوُفِّيَ رَجُلٌ مِنَ الصَّحَابَةِ ، فَقَالَ رَجُلٌ : أَبْشِرْ بِالْجَنَّةِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
وَمَا يُدْرِيكَ ؟ لَعَلَّهُ
تَكَلَّمَ فِيمَا لَا يَعْنِيهِ ، أَوْ بَخِلَ بِمَا لَا يُنْقِصُهُ . قَالَ : حَدِيثٌ حَسَنٌ .
وَفِي لَفْظٍ : أَنَّ غُلَامًا اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ ، فَوُجِدَ عَلَى
بَطْنِهِ صَخْرَةٌ مَرْبُوطَةٌ مِنَ الْجُوعِ ، فَمَسَحَتْ أُمُّهُ التُّرَابَ
عَنْ وَجْهِهِ وَقَالَتْ : هَنِيئًا لَكَ يَا بُنَيَّ الْجَنَّةُ ، فَقَالَ
النَّبِيُّ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
وَمَا يُدْرِيكِ ؟ لَعَلَّهُ كَانَ
يَتَكَلَّمُ فِيمَا لَا يَعْنِيهِ ، وَيَمْنَعُ مَا لَا يَضُرُّهُ .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْفَعُهُ :
مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ
الْآخِرِ ، فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ .
وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ :
مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ
وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَإِذَا شَهِدَ أَمْرًا فَلْيَتَكَلَّمْ بِخَيْرٍ أَوْ
لِيَسْكُتْ .
وَذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْهُ صَلَّ اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :
مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ
تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ .
وَعَنْ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيِّ قَالَ : قُلْتُ : يَا
رَسُولَ اللَّهِ ، قُلْ لِي فِي الْإِسْلَامِ قَوْلًا لَا أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدًا
بَعْدَكَ ، قَالَ :
قُلْ آمَنْتُ بِاللَّهِ ثُمَّ
اسْتَقِمْ ، قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَخْوَفُ مَا تَخَافُ عَلَيَّ ؟
فَأَخَذَ بِلِسَانِ نَفْسِهِ ،
ثُمَّ قَالَ : هَذَا . وَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ .
وَعَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
كُلُّ كَلَامِ ابْنِ آدَمَ عَلَيْهِ
لَا لَهُ إِلَّا أَمْرًا بِمَعْرُوفٍ أَوْ نَهْيًا عَنْ مُنْكَرٍ ، أَوْ ذِكْرَ
اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
قَالَ التِّرْمِذِيُّ : حَدِيثٌ
حَسَنٌ . وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ :
إِذَا أَصْبَحَ الْعَبْدُ ، فَإِنَّ الْأَعْضَاءَ كُلَّهَا تُكَفِّرُ اللِّسَانَ ، تَقُولُ : اتَّقِ اللَّهَ فِينَا فَإِنَّمَا نَحْنُ بِكَ ، فَإِذَا اسْتَقَمْتَ اسْتَقَمْنَا ، وَإِنِ اعْوَجَجْتَ اعْوَجَجْنَا .
وَقَدْ كَانَ بَعْضُ السَّلَفِ يُحَاسِبُ أَحَدُهُمْ نَفْسَهُ فِي قَوْلِهِ
: يَوْمٌ حَارٌّ ، وَيَوْمٌ بَارِدٌ .
وَلَقَدْ رُئِيَ بَعْضُ الْأَكَابِرِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي النَّوْمِ
فَسُئِلَ عَنْ حَالِهِ ، فَقَالَ : أَنَا مَوْقُوفٌ عَلَى كَلِمَةٍ قُلْتُهَا ،
قُلْتُ : مَا أَحْوَجَ النَّاسَ إِلَى غَيْثٍ ، فَقِيلَ لِي : وَمَا يُدْرِيكَ ؟
أَنَا أَعْلَمُ بِمَصْلَحَةِ عِبَادِي . وَقَالَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ لِجَارِيَتِهِ يَوْمًا : هَاتِي السُّفْرَةَ نَعْبَثُ بِهَا ، ثُمَّ قَالَ : أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ ، مَا أَتَكَلَّمُ بِكَلِمَةٍ إِلَّا وَأَنَا أَخْطُمُهَا وَأَزُمُّهَا إِلَّا هَذِهِ الْكَلِمَةَ خَرَجَتْ مِنِّي بِغَيْرِ خِطَامٍ وَلَا زِمَامٍ ، أَوْ كَمَا قَالَ .
وَأَيْسَرُ حَرَكَاتِ الْجَوَارِحِ حَرَكَةُ اللِّسَانِ وَهِيَ أَضَرُّهَا عَلَى الْعَبْدِ .
وَاخْتَلَفَ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ هَلْ يُكْتَبُ جَمِيعُ مَا يُلْفَظُ بِهِ أَوِ الْخَيْرُ وَالشَّرُّ فَقَطْ ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ أَظْهَرُهُمَا الْأَوَّلُ .
وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ : كُلُّ كَلَامِ ابْنِ آدَمَ عَلَيْهِ لَا لَهُ ، إِلَّا مَا كَانَ مِنَ اللَّهِ وَمَا وَالَاهُ ،
وَكَانَ
الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُمْسِكُ
عَلَى لِسَانِهِ وَيَقُولُ : هَذَا أَوْرَدَنِي الْمَوَارِدَ ، وَالْكَلَامُ
أَسِيرُكَ ، فَإِذَا خَرَجَ مِنْ فِيكَ صِرْتَ أَنْتَ أَسِيرَهُ ، وَاللَّهُ
عِنْدَ لِسَانِ كُلِّ قَائِلٍ : مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ
عَتِيدٌ .
وَفِي اللِّسَانِ آفَتَانِ
عَظِيمَتَانِ ، إِنْ خَلَصَ الْعَبْدُ مِنْ إِحْدَاهُمَا لَمْ يَخْلُصْ مِنَ
الْأُخْرَى : آفَةُ الْكَلَامِ ، وَآفَةُ السُّكُوتِ ، وَقَدْ يَكُونُ كُلٌّ
مِنْهُمَا أَعْظَمَ إِثْمًا مِنَ الْأُخْرَى فِي وَقْتِهَا ، فَالسَّاكِتُ عَنِ
الْحَقِّ شَيْطَانٌ أَخْرَسُ ، عَاصٍ لِلَّهِ ، مُرَاءٍ مُدَاهِنٌ إِذَا لَمْ
يَخَفْ عَلَى نَفْسِهِ ، وَالْمُتَكَلِّمُ بِالْبَاطِلِ شَيْطَانٌ نَاطِقٌ ، عَاصٍ
لِلَّهِ ، وَأَكْثَرُ الْخَلْقِ مُنْحَرِفٌ فِي كَلَامِهِ وَسُكُوتِهِ فَهُمْ
بَيْنَ هَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ ، وَأَهْلُ الْوَسَطِ - وَهُمْ أَهْلُ الصِّرَاطِ
الْمُسْتَقِيمِ - كَفُّوا أَلْسِنَتَهُمْ عَنِ الْبَاطِلِ ، وَأَطْلَقُوهَا فِيمَا
يَعُودُ عَلَيْهِمْ نَفْعُهُ فِي الْآخِرَةِ ، فَلَا تَرَى أَحَدَهُمْ يَتَكَلَّمُ
بِكَلِمَةٍ تَذْهَبُ عَلَيْهِ ضَائِعَةً بِلَا مَنْفَعَةٍ ، فَضْلًا أَنَ
تَضُرَّهُ فِي آخِرَتِهِ ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ
بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ الْجِبَالِ ، فَيَجِدُ لِسَانَهُ قَدْ هَدَمَهَا عَلَيْهِ
كُلَّهَا ، وَيَأْتِي بِسَيِّئَاتٍ أَمْثَالِ الْجِبَالِ فَيَجِدُ لِسَانَهُ قَدْ
هَدَمَهَا مِنْ كَثْرَةِ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَا اتَّصَلَ بِهِ .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق