الخميس، 13 ديسمبر 2012

أَكْثَرُ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ التَّقْوَى وَحُسْنُ الْخُلُقِ


أَكْثَرُ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ التَّقْوَى وَحُسْنُ الْخُلُقِ


7989 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ الزَّاهِدُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : سُئِلَ النَّبِيُّ صَلّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ ، قَالَ : 

التَّقْوَى وَحُسْنُ الْخُلُقِ

وَسُئِلَ عَنْ أَكْثَرَ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ النَّارَ ، فَقَالَ : الْأَجْوَفَانِ : الْفَمُ وَالْفَرْجُ .

 هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ .
قَالَ يَحْيَى بْنُ مُعَاذٍ : الْقُلُوبُ كَالْقُدُورِ تَغْلِي بِمَا فِيهَا ، وَأَلْسِنَتُهَا مَغَارِفُهَا ، فَانْظُرْ إِلَى الرَّجُلِ حِينَ يَتَكَلَّمُ فَإِنَّ لِسَانَهُ يَغْتَرِفُ لَكَ بِمَا فِي قَلْبِهِ ، حُلْوٌ وَحَامِضٌ ، وَعَذْبٌ وَأُجَاجٌ ، وَغَيْرُ ذَلِكَ ، وَيُبَيِّنُ لَكَ طَعْمَ قَلْبِهِ اغْتِرَافُ لِسَانِهِ ، أَيْ كَمَا تَطْعَمُ بِلِسَانِكَ طَعْمَ مَا فِي الْقُدُورِ مِنَ الطَّعَامِ فَتُدْرِكُ الْعِلْمَ بِحَقِيقَتِهِ ، كَذَلِكَ تَطْعَمُ مَا فِي قَلْبِ الرَّجُلِ مِنْ لِسَانِهِ ، فَتَذُوقُ مَا فِي قَلْبِهِ مِنْ لِسَانِهِ ، كَمَا تَذُوقُ مَا فِي الْقِدْرِ بِلِسَانِكَ .
وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ الْمَرْفُوعِ : لَا يَسْتَقِيمُ إِيمَانُ عَبْدٍ حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ ، وَلَا يَسْتَقِيمُ قَلْبُهُ حَتَّى يَسْتَقِيمَ لِسَانُهُ .
وَسُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ النَّارَ ؟ فَقَالَ : الْفَمُ وَالْفَرْجُ قَالَ التِّرْمِذِيُّ : حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ .
وَقَدْ سَأَلَ مُعَاذٌ النَّبِيَّ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْعَمَلِ الَّذِي يُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ وَيُبَاعِدُهُ مِنَ النَّارِ ، فَأَخْبَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَأْسِهِ وَعَمُودِهِ وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ ، ثُمَّ قَالَ :

أَلَا أُخْبِرُكَ بِمِلَاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ ؟ قَالَ : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَأَخَذَ بِلِسَانِ نَفْسِهِ ثُمَّ قَالَ : كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا ، فَقَالَ : وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ ؟ فَقَالَ : ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ عَلَى وُجُوهِهِمْ - أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ - إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ ؟
 قَالَ التِّرْمِذِيُّ : حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ .

وَمِنَ الْعَجَبِ أَنَّ الْإِنْسَانَ يَهُونُ عَلَيْهِ التَّحَفُّظُ وَالِاحْتِرَازُ مِنْ أَكْلِ الْحَرَامِ وَالظُّلْمِ وَالزِّنَى وَالسَّرِقَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ ، وَمِنَ النَّظَرِ الْمُحَرَّمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ، وَيَصْعُبُ عَلَيْهِ التَّحَفُّظُ مِنْ حَرَكَةِ لِسَانِهِ ، حَتَّى تَرَى الرَّجُلَ يُشَارُ إِلَيْهِ بِالدِّينِ وَالزُّهْدِ وَالْعِبَادَةِ ، وَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَاتِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا ، يَنْزِلُ بِالْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ مِنْهَا أَبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ، وَكَمْ تَرَى مِنْ رَجُلٍ مُتَوَرِّعٍ عَنِ الْفَوَاحِشِ وَالظُّلْمِ ، وَلِسَانُهُ يَفْرِي فِي أَعْرَاضِ الْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ ، وَلَا يُبَالِي مَا يَقُولُ .
وَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْرِفَ ذَلِكَ فَانْظُرْ فِيمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

قَالَ رَجُلٌ : وَاللَّهِ لَا يَغْفِرُ اللَّهُ لِفُلَانٍ ، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : مَنْ ذَا الَّذِي يَتَأَلَّى عَلَيَّ أَنِّي لَا أَغْفِرُ لِفُلَانٍ ؟ قَدْ غَفَرْتُ لَهُ وَأَحْبَطْتُ عَمَلَكَ فَهَذَا الْعَابِدُ الَّذِي قَدْ عَبَدَ اللَّهَ مَا شَاءَ أَنْ يَعْبُدَهُ ، أَحْبَطَتْ هَذِهِ الْكَلِمَةُ الْوَاحِدَةُ عَمَلَهُ كُلَّهُ .
وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوُ ذَلِكَ ، ثُمَّ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَوْبَقَتْ دُنْيَاهُ وَآخِرَتَهُ .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا ؛ يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا ؛ يَهْوِي بِهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ ،
 وَعِنْدَ مُسْلِمٍ :

إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ مَا فِيهَا يَزِلُّ بِهَا فِي النَّار

 أَبْعَدَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ .
وَعِنْدَ التِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ الْمُزَنِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ ، فَيَكْتُبُ اللَّهُ لَهُ بِهَا رِضْوَانَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ ، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ ، فَيَكْتُبُ اللَّهُ لَهُ بِهَا سَخَطَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ .
 وَكَانَ عَلْقَمَةُ يَقُولُ : كَمْ مِنْ كَلَامٍ قَدْ مَنَعَنِيهِ حَدِيثُ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ .
وَفِي جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ : تُوُفِّيَ رَجُلٌ مِنَ الصَّحَابَةِ ، فَقَالَ رَجُلٌ : أَبْشِرْ بِالْجَنَّةِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

وَمَا يُدْرِيكَ ؟ لَعَلَّهُ تَكَلَّمَ فِيمَا لَا يَعْنِيهِ ، أَوْ بَخِلَ بِمَا لَا يُنْقِصُهُ . قَالَ : حَدِيثٌ حَسَنٌ .
وَفِي لَفْظٍ : أَنَّ غُلَامًا اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ ، فَوُجِدَ عَلَى بَطْنِهِ صَخْرَةٌ مَرْبُوطَةٌ مِنَ الْجُوعِ ، فَمَسَحَتْ أُمُّهُ التُّرَابَ عَنْ وَجْهِهِ وَقَالَتْ : هَنِيئًا لَكَ يَا بُنَيَّ الْجَنَّةُ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

وَمَا يُدْرِيكِ ؟ لَعَلَّهُ كَانَ يَتَكَلَّمُ فِيمَا لَا يَعْنِيهِ ، وَيَمْنَعُ مَا لَا يَضُرُّهُ .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْفَعُهُ :

مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ، فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ .
وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ :

مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَإِذَا شَهِدَ أَمْرًا فَلْيَتَكَلَّمْ بِخَيْرٍ أَوْ لِيَسْكُتْ .
وَذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْهُ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :

مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ .
وَعَنْ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيِّ قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قُلْ لِي فِي الْإِسْلَامِ قَوْلًا لَا أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدًا بَعْدَكَ ، قَالَ :

قُلْ آمَنْتُ بِاللَّهِ ثُمَّ اسْتَقِمْ ، قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَخْوَفُ مَا تَخَافُ عَلَيَّ ؟

فَأَخَذَ بِلِسَانِ نَفْسِهِ ، ثُمَّ قَالَ : هَذَا .  وَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ .
وَعَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  قَالَ :

كُلُّ كَلَامِ ابْنِ آدَمَ عَلَيْهِ لَا لَهُ إِلَّا أَمْرًا بِمَعْرُوفٍ أَوْ نَهْيًا عَنْ مُنْكَرٍ ، أَوْ ذِكْرَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
 قَالَ التِّرْمِذِيُّ : حَدِيثٌ حَسَنٌ .
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ :
                إِذَا أَصْبَحَ الْعَبْدُ ، فَإِنَّ الْأَعْضَاءَ كُلَّهَا تُكَفِّرُ اللِّسَانَ ، تَقُولُ : اتَّقِ اللَّهَ فِينَا فَإِنَّمَا نَحْنُ بِكَ ، فَإِذَا اسْتَقَمْتَ اسْتَقَمْنَا ، وَإِنِ اعْوَجَجْتَ اعْوَجَجْنَا .

وَقَدْ كَانَ بَعْضُ السَّلَفِ يُحَاسِبُ أَحَدُهُمْ نَفْسَهُ فِي قَوْلِهِ : يَوْمٌ حَارٌّ ، وَيَوْمٌ بَارِدٌ .
وَلَقَدْ رُئِيَ بَعْضُ الْأَكَابِرِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي النَّوْمِ فَسُئِلَ عَنْ حَالِهِ ، فَقَالَ : أَنَا مَوْقُوفٌ عَلَى كَلِمَةٍ قُلْتُهَا ، قُلْتُ : مَا أَحْوَجَ النَّاسَ إِلَى غَيْثٍ ، فَقِيلَ لِي : وَمَا يُدْرِيكَ ؟ أَنَا أَعْلَمُ بِمَصْلَحَةِ عِبَادِي .
وَقَالَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ لِجَارِيَتِهِ يَوْمًا : هَاتِي السُّفْرَةَ نَعْبَثُ بِهَا ، ثُمَّ قَالَ : أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ ، مَا أَتَكَلَّمُ بِكَلِمَةٍ إِلَّا وَأَنَا أَخْطُمُهَا وَأَزُمُّهَا إِلَّا هَذِهِ الْكَلِمَةَ خَرَجَتْ مِنِّي بِغَيْرِ خِطَامٍ وَلَا زِمَامٍ ، أَوْ كَمَا قَالَ .
وَأَيْسَرُ حَرَكَاتِ الْجَوَارِحِ حَرَكَةُ اللِّسَانِ وَهِيَ أَضَرُّهَا عَلَى الْعَبْدِ .
وَاخْتَلَفَ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ هَلْ يُكْتَبُ جَمِيعُ مَا يُلْفَظُ بِهِ أَوِ الْخَيْرُ وَالشَّرُّ فَقَطْ ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ أَظْهَرُهُمَا الْأَوَّلُ .
وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ : كُلُّ كَلَامِ ابْنِ آدَمَ عَلَيْهِ لَا لَهُ ، إِلَّا مَا كَانَ مِنَ اللَّهِ وَمَا وَالَاهُ ،

 وَكَانَ الصِّدِّيقُ  رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُمْسِكُ عَلَى لِسَانِهِ وَيَقُولُ : هَذَا أَوْرَدَنِي الْمَوَارِدَ ، وَالْكَلَامُ أَسِيرُكَ ، فَإِذَا خَرَجَ مِنْ فِيكَ صِرْتَ أَنْتَ أَسِيرَهُ ، وَاللَّهُ عِنْدَ لِسَانِ كُلِّ قَائِلٍ : مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ .

وَفِي اللِّسَانِ آفَتَانِ عَظِيمَتَانِ ، إِنْ خَلَصَ الْعَبْدُ مِنْ إِحْدَاهُمَا لَمْ يَخْلُصْ مِنَ الْأُخْرَى : آفَةُ الْكَلَامِ ، وَآفَةُ السُّكُوتِ ، وَقَدْ يَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا أَعْظَمَ إِثْمًا مِنَ الْأُخْرَى فِي وَقْتِهَا ، فَالسَّاكِتُ عَنِ الْحَقِّ شَيْطَانٌ أَخْرَسُ ، عَاصٍ لِلَّهِ ، مُرَاءٍ مُدَاهِنٌ إِذَا لَمْ يَخَفْ عَلَى نَفْسِهِ ، وَالْمُتَكَلِّمُ بِالْبَاطِلِ شَيْطَانٌ نَاطِقٌ ، عَاصٍ لِلَّهِ ، وَأَكْثَرُ الْخَلْقِ مُنْحَرِفٌ فِي كَلَامِهِ وَسُكُوتِهِ فَهُمْ بَيْنَ هَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ ، وَأَهْلُ الْوَسَطِ - وَهُمْ أَهْلُ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ - كَفُّوا أَلْسِنَتَهُمْ عَنِ الْبَاطِلِ ، وَأَطْلَقُوهَا فِيمَا يَعُودُ عَلَيْهِمْ نَفْعُهُ فِي الْآخِرَةِ ، فَلَا تَرَى أَحَدَهُمْ يَتَكَلَّمُ بِكَلِمَةٍ تَذْهَبُ عَلَيْهِ ضَائِعَةً بِلَا مَنْفَعَةٍ ، فَضْلًا أَنَ تَضُرَّهُ فِي آخِرَتِهِ ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ الْجِبَالِ ، فَيَجِدُ لِسَانَهُ قَدْ هَدَمَهَا عَلَيْهِ كُلَّهَا ، وَيَأْتِي بِسَيِّئَاتٍ أَمْثَالِ الْجِبَالِ فَيَجِدُ لِسَانَهُ قَدْ هَدَمَهَا مِنْ كَثْرَةِ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَا اتَّصَلَ بِهِ .

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق